شقير يكتب.. التدبير المائي للمملكة بين الرمزية وتكريس الشرعية

من اللافت للانتباه، أن يخصص العاهل المغربي حيزا كبيرا من خطاب عيد العرش الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الفضية لجلوسه على العرش لتدبير أزمة الماء بالمملكة . الشيء الذي لا يمكن ربطه فقط بإكراهات الجفاف الذي يعرفه المغرب نظرا لشح حقينة السدود وتراجع مستوى تخزين الثروة المائية ، بل لأن ذلك مرتبط بالتمثلات الرمزية التي تحيط بتدبير نظام الحكم للثروة المائية بالمملكة وآليات الشرعنة التي تقوم عليها.

1-سياسة السدود كآلية لتدعيم الحكم بالمملكة

لقد رسخت الأدبيات السياسية بالمغرب مقولة أول مقيم عام فرنسي الماريشال ليوطي المأثورة ( ( gouverner cest pleuvoirالتي دفعت سلطات الحماية إلى بناء بعض السدود لأول مرة بالمملكة الشريفة لضمان ولاء المعمرين لسقي أجود الأراضي الفلاحية التي تم الاستيلاء عليها وفي نفس الوقت ضمان تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب.

ولهذا الغرض تبلورت سياسة السدود في المغرب في عام 1929 بإنشاء سد سيدي سعيد بن معاشو على نهر أم الربيع، وذلك لتزويد ساكنة الدار البيضاء بالمياه الصالحة للشرب. كما تم تشييد سد بين الوديان الذي يعتبر أحد أهم السدود التي أنشأتها فرنسا في القارة الإفريقية كاملة، وليس بالمغرب فقط. حيث اعتبر أحد أهم السدود في المنطقة الذي لعب دورا كبيرا في توفير الاحتياط المائي، بقدرة تخزينية تصل إلى 1.484 مليون م3.

وقدكان هدف سلطات الحماية من بناء هذا المشروع الضخم آنذاك إنتاج الطاقة الكهربائية بالمغرب ونقل فائضها إلى الجزائر، وكذا توفير تحفيز كاف للفلاحين الفرنسيين، لكي يشرعوا في الاستثمار الفلاحي داخل المغرب. لذا تم تدشين هذا السد في احتفال رسمي فرنسي، استعرضت فيه الإدارة الفرنسية قُدرات أطرها.لكن بحصول المغرب على الاستقلال ، برزت هناك خلافات ومعارضات حول سياسة السدود المنتهجة من طرف نظام الحكم سواء على الصعيد الداخلي أو على المستوى الخارجي.

-سياسة السدود ومواجهة معارضة الداخل

تعززت سياسة تشييد السدود مع وصول الملك الحسن الثاني إلى الحكم، حيث كان أول سد يُبنى في عهده، وهو سد مولاي يوسف الذي بوشر استغلاله سنة 1965. فقد كانت سياسة السدود من بين الآليات السياسية التي وظفها هذا الملك لضمان استقرار حكمه في مواجهة المعارضين بالداخل . إذ إن بعض المشاريع المتعلقة بتصور إنشاء سدود، لم تر النور بسبب الصراعات التي كانت بين أجنحة حزب الاستقلال .والتي لم تنته إلا مع إقالة حكومة عبد الله إبراهيم. لكن مع بداية عهد الملك الراحل الحسن الثاني، خصوصا في سنة 1963، بدأت بوادر الإعداد لإنشاء سدود مغربية، لتعزيز قدرة التخزين المائي لمواجهة أزمات الجفاف المتلاحقة التي ضربت المغرب في ذلك الوقت.فسد مولاي يوسف، الموجود بين مراكش ودمنات، والذي دُشن سنة 1965، كان يعتبر حدثا استثنائيا بكل المقاييس، وأول إنجازات الملك الحسن الثاني على الأرض. إلى درجة أن المشروع «أقلق» الروس، واعُتبر إنجازا غير مسبوق في المنطقة بالنسبة إلى دولة لم تمض سوى عشر سنوات على استقلالها.

وقد كانت تجربة إقامة هذا السد، والذي اعتبر وقتها ذا قدرة تخزين مهمة، مهدت لإتمام مشروع سد محمد الخامس الذي انتهت أشغال إعداده سنة 1967. لكن في إطار الصراع الدائر بين الملك الحسن الثاني والمعارضة خلال هذه الفترة ، أشاعت المعارضة وقتها، والصحف الاشتراكية الفرنسية أيضا، أن سياسة إنشاء السدود من شأنها أن تستنزف موارد الدولة، بل واتُهمت بعض الشخصيات السياسية وكبار الموظفين وقتها باختلاس أموال إنشاء هذه السدود.لكن ما حملته السنوات اللاحقة للمغرب، أكد بما لا يدع مجالا للشك أن سياسة إنشاء السدود أنقذت المغرب فعلا من كوارث اقتصادية محققة. لذا شكلت فترة السبعينيات من القرن 20 ، خاصة بعد محاولتي الانقلاب الفاشلتين وأحداث بوعزة، أوج سياسة إنشاء السدود. فمنذ سنة 1973 إلى حدود 1979، ورغم المشاكل السياسية، تم الانتهاء من أشغال إنشاء أهم أربعة سدود أخرى في المغرب، بقدرة تخزين مهمة وصلت إلى ملايين الأمتار المكعبة، وبقي سد المسيرة الذي كان الهدف منه تخزين مياه وادي أم الربيع، أهم تلك المشاريع على الإطلاق. وبالتالي ، فقد أدت هذه السياسة إلى تقوية القاعدة الاجتماعية المساندة للنظام، حيث ألمع الباحث بلكنذور إلى أن التصميم الخماسي (1973 ـ 1977) كان ينص على توزيع 160.000 هكتار من أصل 395.000 هكتار، الشيء الذي كان يهدف إلى خلق شرائح فلاحية تتوسط كبار الملاكين والفلاحين الذين بدون أرض، وتكون بمثابة فئة صمام أمان (couche tampon) )وعنصر استقرار داخل البنية الاجتماعية القروية العامة.

-سياسة السدود ومواجهة معارضة الخارج

لقد كان الملك الحسن الثاني يشيد السدود تحت مراقبة كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي اللذان كانا يخوضان أتون حرب دائرة شملت مختلف مناطق العالم بما في ذلك منطقة شمال افريقيا . فقد نظر الأمريكيون إلى تشييد السدود المغربية، على اعتبار أنها صمام أمان للاستقرار الفلاحي وضمان لاستمرار الحياة في المنطقة، وواحدة من أهم الخزانات المائية للمياه في المنطقة المغاربية. لكن بالمقابل كانوا يبدون تخوفهم من إمكانية فوز الروس بصفقة إنشاء أي سد في المملكة . في حين انزعج الروس من الزيارة التي قام بها الملك الحسن الثاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، والاستقبال الكبير الذي خصصه له الرئيس كينيدي، وحجم التغطية الإعلامية التي وفرتها الصحافة الأمريكية لتلك الزيارة. وقد ازداد هذا التخوف عندما لم يُبد الملك أي استعداد للاستفادة من تجارب الروس في مجال السدود، خصوصا وأن الاتحاد السوفياتي سبق أن دعم تشييد سدود في كل من مصر وسوريا والعراق.

وبالموازاة مع ذلك ، واجهت سياسة السدود معارضة أنظمة خارجية كالنظام الجزائري الذي انتهج سياسة اقتصادية مخالفة تقوم على التصنيع . وهذا ما أشير إليه في كتاب “ذاكرة ملك”، حين سئل الملك الحسن الثاني عن “سلاح الجزائر والبترول” رد قائلا: “في الوقت الذي كان الجزائريون يستغلون فيه البترول، كنت أنا أشيد السدود، وأعرف أن المسؤولين الجزائريين كانوا يتهامسون عني آنذاك بسخرية ويقولون: إنه يغرس الطماطم في الوقت الذي نحفر فيه نحن آبار البترول”. ويبدو أنه للرد على هذا المنظور الجزائري ، دشن الملك بتاريخ 24 يوليوز1973 سد يوسف ابن تاشفين، بحضور “رئيسين من رؤساء شمال إفريقيا والمغرب الكبير. ويتعلق الأمر بكل من هواري بومدين رئيس الجمهورية الجزائرية والمختار ولد داده الرئيس الموريتاني..” وبالتالي فقد شكل تشييد السدود بعدا استراتيجيا في سياسة الملك الحسن الثاني؛ في ضمان الأمن المائي للمملكة ، مما مكن المغرب، رغم محدودية موارده المائية وعدم انتظامها، ورغم فترات الجفاف التي عرفها، من تجاوز معظم التحديات والإكراهات، ومواكبة الحاجيات المائية المتزايدة وطنيا، بالنسبة للساكنة ولمختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية. فمع مطلع عقد السبعينات من القرن 20 بدأ تشييد السدود يتخذ وتيرة شبه سنوية، إذ ما بين سنتي 1967 و1974 تم إنشاء ثمانية سدود تتوزع جغرافيا بين مناطق أهملها الاستعمار، مثل تاوريرت التي شيد بها أول سد عصري سنة 1967، وأطلق عليه اسم محمد الخامس.لكن تبقى سنتا 1985 و1986 الأكثر إنجازا من حيث عدد السدود التي تم تشييدها، فسنة 1985 وحدها سُجل بها تشييد 7 سدود.أما سنة 1986 فتظل الأكثر غزارة من بين كل السنوات من حيث عدد السدود التي تم تشييدها، ففي هذه السنة تم بناء 14 سدا.وقد واصل الملك محمد السادس، منذ توليه العرش سياسة والده “باني السدود” ، بالاستمرار في سياسة بناء السدود، في محاولة لحفظ المياه من الضياع واستعمالها عند الحاجة، بعد توالي سنوات الجفاف، وتزايد تحذيرات المراقبين من أن المغاربة قدر عليهم اقتسام موارد مائية جد ضئيلة وغير منتظمة. وهكذا شرع رسميا في تطبيق هذا المشروع، بتدشينه، سدين : الأول هو “سد الحسن الثاني” الواقع على وادي ملوية على بعد 20 كلم من مدينة ميدلت ، أما الثاني فهو سد يعقوب المنصور، بالجماعة القروية لويرغان بإقليم الحوز. وبالإضافة إلى السدود التلية ، وتبني سياسة الأحواض المائية، تم التأكيد رسميا على بناء سد كل سنة .

2-سياسة السدود كآلية لتكريس شرعية الحكم بالمملكة

إن كل نظام سياسي لا يهتم فقط بنقل ونشر رموزه بل يهتم أيضا بتعميقها وتخليدها وذلك من خلال إلصاقها وإدغامها في منجزاته ومشاريعه والتي وإن كانت لها مسحة اقتصادية اجتماعية، فإنها تعكس أيضا إحدى مظاهر تدعيم الرمزية السياسية للنظام.

السدود وتكريس شرعية الإنجاز

إن منجزات الدولة الكبرى تعتبر من أهم الأسس المادية التي تهيكل رموز السلطة وتنقلها، بحيث أن هناك منجزات تنقل رمزية شرعية النظام السياسي . لذا حرص السلاطين في المغرب على تشييد بناءات عظيمة تبرز عظمة ملكهم، فشالة، قصر البديع، المدرسة البوعنانية… ، ليست في آخر المطاف إلا بناءات تكتسي طابع عظمة الأنظمة السياسية المغربية التي أنجزتها وقناة من قنوات رمزيتها السياسية التي تكرس شرعيتها الانجازية. وفي هذا السياق ، حرصت المؤسسة الملكية من خلال سياسة السدود على تكوين قنوات مادية تحمل هذه الرمزية السياسية التي تكرس شرعيتها خاصة الانجازية. من هنا انصب اهتمام الملك الحسن الثاني على تشييد منجزات ومشاريع اقتصادية تبلور هذه الرؤية وتؤكد هذا المفهوم، بحيث أن مشروع المليون هكتار الذي اهتمت السلطة الملكية بإنجازه منذ بداية الاستقلال ، وإن كان مشروعا ذي صبغة اقتصادية بالأساس فإنه مع ذلك هيكل “أسطورة معبئة” (mythe mobilisateur) . في حين شكل إنجاز وتشييد سدود ضخمة وكبيرة رمزية سياسية خاصة. فهي قناة تنقل الرمزية السياسية بشكل واسع وترمز للسلطة الملكية خصوصا داخل المجالات القروية الواسعة والبعيدة عن العاصمة، فهذه السدود ترمز لإنجازات السلطة الملكية. ولعل مما يزيد من رصيدها الرمزي هذا هو إعطاؤها تسميات تاريخية ( سد إدريس الأول ، سد يوسف بن تاشفين ، سد عبد المومن سد المنصور الذهبي ، سد الحسن الداخل ،سد سيدي محمد بن عبد الله ،….) أو ذات دلالات سياسية عميقة ( سد محمد الخامس ، سد الحسن الثاني …) بالإضافة إلى أسماء لشخصيات وطنية (سد علال الفاسي ، سد عبد الكريم الخطابي..) أو تحيل إلى أحداث سياسية وطنية( سد المسيرة ن سد الوحدة ،….).

التأطير الرسمي لاستمطار السماء

تصنف تلغنجا ضمن الطقوس والمعتقدات الأمازيغية الضاربة في عمق القدم والتي استطاع المسلمون أسلمتها، بل والدفاع عنها ونشرها، ومن مظاهر هذه الأسلمة ربط طقس تلغنجا بيوم الجمعة وإقامته في الغالب قرب المساجد وأضرحة الأولياء، وكذا ما يصاحب ذلك من أدعية وابتهالات وصلوات، لذلك نجد أن ما ضمن لهذا الطقس استمراريته حتى بعد انتشار الإسلام، رغم أنه من الممارسات السابقة له، هو إجازة المرابطين(الأولياء) لمثل هذه الطقوس ما دامت لا تنال من إيمان المؤمن. إن هذا التكييف الذي وقع على المعتقدات القديمة أو ما يصطلح عليه بالأسلمة هي التي دفعت بعض الباحثين إلى اعتبار صلاة الاستسقاء نسخة إسلامية لتلغنجا الأمازيغية، بل وتصنيف هذا الطقس أصلا لها. ومن ثمة حرص السلطة الملكية على الحفاظ على هذا الطقس والعمل على تأطيره .فإقامة صلاة الاستسقاء بالمغرب تتم بتعليمات ملكية بوصف الملك أميرا للمؤمنين. وبالتالي ، فعادة ما تعلن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، عندما يتم تأخر هطول الأمطار عن موعدها السنوي المعتاد ، “أن صلاة الاستسقاء ستقام بالمصليات والمساجد الجامعة بمختلف جهات وأقاليم المملكة وذلك تنفيذا للأمر المولوي السامي لأمير المؤمنين “. وفي هذا السياق نص أحد البلاغات الذي أصدرته الوزارة بهذا الخصوص على ما يلي:

“جريا على سنة جده المصطفى صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء كلما انحبس المطر، قرر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أعز الله أمره، إقامة صلاة الاستسقاء تخشعا وتضرعا إلى الباري جلت قدرته، أن يسقي عباده وبهيمته، وينشر رحمته، ويحيي بلده الميت، فهو سبحانه وتعالى الملاذ والمرتجى، وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته، وتنفيذا للأمر المولوي السامي، ستقام صلاة الاستسقاء بالمصليات والمساجد الجامعة بمختلف جهات وأقاليم المملكة يوم الثلاثاء 4 جمادى الأولى 1444هـ موافق 29 نونبر 2022م على الساعة العاشرة صباحا.حفظ الله سيدنا الهمام بما حفظ به الذكر الحكيم وجنب البلاد شح المطر وجدب السنين، وأقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن وشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير المجيد مولاي رشيد وحفظه في باقي أفراد أسرته الملكية الكريمة”

وتنفيذا لذلك، عادة ما تقوم جل الولايات والعمالات بمدن المغربية قبل صلاة الجمعة بإقامة صلاة الاستسقاء قد يحضرها ولي العهد المملكة ، مولاي الحسن، ورئيس الحكومة وشخصيات سامية أخرى، في موكب رسمي مشيًا على الأقدام في اتجاه المسجد الأعظم بالعاصمة الرباط، حيث تقام شعائر هذه الصلاة، بالتزامن مع إقامتها في بقية المدن بالمملكة.

-السدود وتكريس رمزية بركة الماء والنماء

بالإضافة إلى هذا البعد الديني والتعبدي لصلاة الاستسقاء التي تحتكر السلطة الملكية تأطيرها ، فقد تجلى البعد الرمزي للماء في بعض خطابات الملك الحسن الثاني في عدة مناسبات تتعلق بتخزين الماء وتدبيره بالماء. فعلى سبيل المثال، خاطب الملك بتاريخ 18 فبراير 1987 أعضاء المجلس الأعلى للماء بقوله :”وقبل كل شيء نقول فيكم الكلمة التي نريد أن نختم بها هذه الأعمال، رأيت أنه من المستحسن أن نبدأ بآية وجدتها في سورة الحجر، وأنا أتصفح الكتاب الكريم تقول هذه الآية: (وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين).وبما أنني متفائل ومؤمن برحمة الله، وبأخذه بيد عبده، فالنفي في أنتم له بخازنين ليس من باب الاستحالة، بل هو من باب المؤاخذة، نعطيكم الماء ونسقيكم بالماء ولا تخزنوه (فما أنتم له بخازنين). وليس من باب الاستحالة على بني آدم ولا من باب الاستحالة على السلطان العام الذي وهبه الله إياه، وليس بمستحيل أن يختزن الماء؛ ولكن هذه ملاحظة من الباري عز وجل: (وما أنتم له بخازنين). وإذا كان كتاب الله سبحانه وتعالى كتابا يصلح لجميع الأزمان، وفي جميع الأماكن ولجميع البشر، فأظن أنه يجب علينا نحن الذين نعيش في أواخر هذا القرن في جميع القارات أن نتدبر الآية التدبر الكامل”.

وارتباطا بهذا البعد الديني ، حرصت المؤسسة الملكية رسميا على تدشين بناء السدود وتدشين انطلاق الاشتغال بها، بكل جهات المملكة . حيث تهتم وسائل الإعلام الرسمية خاصة التلفزة الوطنية على إظهار الملك وهو يضع حجر أساس العديد من السدود أو يضغط على زر انطلاق تفجر مياه أي سد منجز دلالة على الماء والنماء في رمزية بركة السلطان التي تشكل أحد مكونات الثقافة السياسة بالمغرب وتحرك المخيال السياسي للمغاربة في بلد فلاحي لا يتوفر دائما على حاجياته المائية ويتواجد في منطقة جغرافية شبه جافة .ولعل التركيز على هذه الرمزية ما زالت متواصلة سواء من خلال إشراف الملك محمد السادس على تدشين عدة سدود منها سد “مولاي عبد الرحمان ” أو تدشين “جلالته” لمشروع تحلية ماء البحر بإقليم اشتوكة أيت باها . في حين أشرف “صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن”، على إعطاء انطلاقة أشغال إنجاز محطة تحلية مياه البحر للدار البيضاء، الأكبر من نوعها على مستوى القارة الإفريقية،” حيث سيرتبط هذا التدشين برمزية خاصة في المخيال السياسي لدى المغاربة. لاسيما في السياق الحالي الذي يتسم بندرة ملحوظة في التساقطات وضغط كبير على الموارد المائية التقليدية في مختلف جهات المملكة.

وبالتالي ، فترؤس الملك محمد السادس لجلسات عمل حول تدبير الماء ، أو تخصيصه حيزا هاما في خطاب يتوج مناسبة فضية لحكمه ، لا يمكن إلا أن يندرج ضمن صلب أحد مكونات شرعية السلطان ومنجزاته.

محمد شقير

مقالات ذات صلة